متسلسلة - في بيتنا عبدو
الجزء الاول : حلاوة البدايات
في ظلام الليل الدامس تتوقف سيارة سوداء مثل سواد الليل يخرج منها رجل
وامرأة بهيئة تبدو مريبة نوعا ما يختفون في هذا الظلام القامت يلتفتون
حولهم وكأنهم يخشون شئ ما يخشون أنظار المارة برغم من وجودهم في منطقة
مقطوعة تبدوا كصحراء ، تقف المرأة تراقب المكان ، يذهب الرجل وجسده يرتجف
يفتح صندوق السيارة تهمس له المرأة
المرأة : يلا بسرعه
يسحب جسد أو جثة هامدة تبدو عملاقة نوعا ما مقارنة بجسد من يسحبها ، وهذا
واضح من الطريقة التي يحاول بها اخراج هذه الجثة ، تلاحظ المرأة ذلك وتتجه
لتساعد الراجل ، تسحب مع الراجل بالفعل وتسقط الجثة على الأرض ويسقطون
بجواره ، كلهم ساقطون في وحل وكأنه هذا حالهم ، تنظر المرأة للرجل نظرة
استعجال على إكمال مهمتهم ، يقوم الرجل ويخرج مجرفة ويبدأ بحفر الأرض ، كان
يحفر بقوة وكأنه ينتقم من الأرض أو من الأحداث والذكريات التى جلبته إلى
هنا يحفر حفرة عميقة بعد فترة زمنية ، لا يعلم مدتها بالفعل حفر حفرة تبدو
قبر وهي بالفعل قبر لدفن ذكرياتهم ، شعر بالتعب واندهش عندما رأى ما أنجزه
بدأ بسحب الجثة الضخمة بصعوبة ولكنه يبذل كل قوته ، سحب الجثة ودفنها في
القبر الذي حفره من لحظات وبدأ بوضع التراب عليه حتى يخفي مكان هذه الجثة
ويخفي سر كبير في حياته .
تخلص من الجثة بالفعل ولكنه لم يكن قادر على قيادة السيارة ولاحظت المرأة
ذلك فاتجهت هي لقيادة السيارة وامرته بالجلوس في الخلف ، وكأنها تريد أن
تخبره بتمردها عليه وأنها من يجب عليه القيادة الان بعد ما اوصلتهم قيادته
بهم الان ، تقود والصمت يحوم في المكان وكأنهم اموات في قبر من نوع اخر ،
تنفث المرأة بسيجارة والرجل مكوم في الكرسي الخلفي وتقف السيارة أمام عمارة
فخمة .
تخرج المرأة وخلفها الرجل وتصعد لطابق شقتهم وتفتح باب الشقة التى لا تقل
ظلام وسواد ، تجلس على أحد المقاعد وتشعل سيجاره جديد وتنفث دخانها والدموع
تسقط من اعيونها ، يقف الرجل أمام الباب وهو ينظر إلى هيئتها الغريبة
الرجل : مريم مريم ارجوكي ردي عليا
الرجل: أنا عارف اني....
مريم : هسس مش عايزه اسمع صوتك ولا عايزة احس بيك
الرجل : يا مريم أنا مكنتش اعرف
مريم : قولتلك اسكت اسكت ، أنا مش قادره اسمع صوتك ولولا مونيكا وميلاد كنت طلبت الطلاق
دموع مريم يصاحبها صوت بعد ما كانت مجرد دموع صامتة تنهمر من عينيها الزرقاء ، غادرت مريم إلى غرفتها وأغلقت الباب بقوة تنم عن عصبية ، جلس الرجل على الأرض في مكانه الذي لما يتحرك منه ، جلس لدقائق ومن ثم قام وخرج من المنزل ومن العمارة بأكملها يسير كتائه في الشوارع لا يدري إلى اين يذهب ، ظل يسير لساعات حتى وصل لعمارة أخرى ودخل إلى عيادته وجلس على مكتبه وبدأت الأحداث تتشابك في عقله ويتذكر كيف كانت حياته ولماذا أصبحت هكذا .
الدكتور منير :
اسمي منير عطا دكتور تجميل شاطر جدا ودا بشهادة الجميع مرضى وزملاء ، بعشق مجالي و دايما بحاول ابقى متفرد فيه ودا بسبب حبي لشكل الإنسان ، بحب الشكل وبحس نفسي نحات أو فنان وانا بعمل اي عملية الموضوع بقى عندي عشق وابداع مش مجرد شغل واكل عيش ، كنت متفوق جدا في دراستي وتشجيع والدي ووالدتي كانوا اكبر دافع ليا الاتنين كانوا دكاترة وعودني على احترام وحب المهنة ، طلعت ودرست في امريكا وفرنسا وكنت دائما حريص على حضور المؤتمرات و متابعة كل جديد في المهنة، مكنتش مركز في الحياة خالص كانت كل حياتي شغلي ونجاحي لغاية لما شوفت مريم ، مريم اللي خلتني اعرف ان الحياة فيها حاجات اجمل واهم من الشغل ، شوفتها في مؤتمر أصلها دكتورة تغذية شغلت تفكيري أنا بالعادة بركز في وشوش الناس وبحب اشوف العيوب اتعودت على كده بس مريم كانت حاجة تانية خالص وشها مزبوط مفيهوش غلطة جسمها زي لهيب النار وابتسامة تذوب الحجر ورقة ارق من النسيم وعيونها اللي بلون السماء الصافية ، بقيت عايز اقابلها باي شكل وفي اي وقت هوستني ما بقيتش مركز في حاجة خالص ولا حتى شغلي ، عرضت عليها الجواز ابتسمت، ابويا وامي مصدقوش والفرحة ملت البيت وفرحوا اكتر لما اتعرفوا على مريم وعيلتها ، دكتورة وبنت عالم وناس والمصادفة الأغرب أن اسمائنا بتبدا بحرف الميم عشان كده قررنا أن نكون إمبراطورية ميم زي الفيلم.
مريم :
كانت اسعد ايام حياتي كنا طايرين كان كله حماس وحيوية وشباب ، اول ما شوفته
حسيت أن دا نصيبي ومكنتش مصدقة اللي حصل حبينا بعض بجد ، منير وبرغم أنه
لسه دكتور شاب بس اسمه كان كبير وبدا يحجز لنفسه مكانة بين الدكاترة ، كنت
ببقى فخورة لما الناس تعرف أن خطيبي دكتور التجميل منير عطا اللي بيظهر على
القنوات والناس بتكلمه من كل مكان عشان تستشيره ، وغير كده وأنه ناجح كان
وسيم ملامحه كأنها منحوتة وكأنه نجم سينما ، حسيت نفسي محظوظة واكيدة
محسودة من باقي البنات
منير :
اتجوزنا والحياة زهزهت قدامنا حياتنا كل فرحة وحب وزي اي اتنين متجوزين
جديد كل شوية نكلم بعض ، بقت هي أهم دافع بالنسبة ليا ، جالي عرض مغري
بالسفر لدولة عربية والشغل في مستشفى هناك بعقد مغري جدا وشامل البيت
ومدارس الاولاد وعيادة خاصة ، كنت خايف وخصوصا اني رفضت الهجرة واني اسيب
عيلتي بس مريم اقنعتني
مريم :
مكنش ممكن اسيبه يرفض العرض دا وخصوصا اللي ممكن نحققه هناك في سنة مش
هنفدر نحققه هنا في عشر سنين ، كنت لسه مخلفة مونيكا وكنت حامل في ميلاد ،
اتفقنا أنه يسافر الاول وبعد ما اخلف ميلاد الحقه ويكون زبطلي شغل هناك
منير :
مكنتش عارف اعيش من غير مريم و الاولاد ، كنت بشتغل كويس وفعلا الشهر هنا
بسنة في مصر ، كانت الحياة كئيبة بس كبرت واسمي كبر وبقيت بنافس اهم
الدكاترة هنا ، مكانش ليا أصحاب في البلد الا شوية صداقات مع زملاء من
المهنة وطبعا لاني كنت عايش لوحدي مكانش مرحب بيا في بيوتهم لأن أغلب
سهراتهم بتكون عائلية يعني كل واحد ومراته ، اتعرفت على شاب مصري من النوبة
كان فني أجهزة طبية وزي ما انتو عارفين احنا كمصريين بنتقرب من بعض في
الغربة ، كان شاب غريب بيحب يضحك وعارف الكل كانت معرفتي بيه سطحية بس مجرد
سلامات كان اسمه عبدو
مريم :
الخلفة صعبة وخصوصا أن مونيكا وميلاد قريبين من عمر بعض ، حماتي وماما
كانوا بيساعدوني بس مكنتش قادرة وجبت واحدة تبقى معاهم كنت بحاول ارجع
لشغلي بس منير كلمني وقالي أنه خلاص جهزلي عيادة في نفس المجمع اللي عيادته
فيه وفعلا بعد سنة سافرتله ورجعت لحضن جوزي اللي مكنتش قادرة اعيش من غيره
، حسيت بالدفئ والاستقرار اللي رجع لبيتنا ، اندهشت لما شوفت العيادة
بتاعتي اللي كانت على أعلى مستوى وفيها احدث الأجهزة وبيتنا اللي كان عبارة
عن فيلا
مريم : اي دا يا منير
منير : مالك يا حبيبتي ، عجبتك العيادة
مريم : تجنن يا حبيبي ، لحقت تعمل كل دا امتى
منير : يا حبيبتي بالفلوس كل حاجه بتمشي وتطير
مريم : يا واد يا جامد ، بس معقولة
منير : يا حبيبتي لازم العيادة تكون مناسبة ليكي وانا معنديش حد أغلى منك يا حبيبتي
مريم : يا حبيبي يا منير
حضنت مريم منير حضن فيه شوق وحبها بس اتفاجئت بشاب اسمر طويل بيدخل عليهم العيادة ، الشاب لف وشه وقال يا ساتر
منير : ادخل يا عبدو
عبدو : أنا آسف يا دكتور بس لقيت الباب مفتوح
منير : لا مفيش مشكلة
مريم حست بحرج ودخلت تشوف باقي غرف العيادة
منير : اي يا عبدو في حاجة
عبدو : لا بس حبيت اقولك أن عملت الصيانة في عيادتك وكل حاجه تمام
منير : طب ممتاز أنا عايزك تاخد لفة في العيادة دي كمان وتشغل الأجهزة وتتاكد منها
عبدو : تحت امرك يا دكتور
قرب عبدو من منير وبقى كلامه عبارة عن همس
عبدو : بس يا باشا المرة الجاية خد بالك واقفل الباب عشان تبقى امورك في السليم وانا برضه في الخدمة
منير: هههههههههههه يخربيتك انت فهمت ايه
عبدو : ولا يهمك يا دوك سرك في بير
منير : يا بني دي المدام يا مريم يا مريم
مريم : في ايه يا منير
منير : تعالي
راحت مريم لمنير اللي كان لسه واقف مع عبدو
منير : دي بقى يا عبدو الدكتور مريم المدام ودا عبدو اللي قولتلك عنه
عبدو : اتشرفنا يا دكتورة
منير : الدكتورة لسه واصلة يعني لسه جديده لو احتاجت حاجة ساعدها يا عبدو
عبدو : طبعا يا دكتور في عينيا
منير : عبدو ابن بلد جدع
( عوده للأحداث الحالية )
مريم مازلت جالسة في غرفتها وهي تتذكر هذا اللقاء وكانه حدث بالامس، شعرت
بكهرباء في جسدها خرجت من غرفتها ، لم تجد منير تشعر بالخوف ذهبت إلى البار
الموجود في شقتها أصبحت ترتشف بعض المشروبات الروحية ويدها ترجف والكاس
يسقط من يدها ويقع على قدما التى بدأت تنزف ، بدأت في حمل الزجاج المكسور
وشعرت بأحد يحضنها من ظهرها ويهمس لها بقى تعملوا فيا كده.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire